بلدي برديس
زورانا الكرام نتنظر أرآئكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بلدي برديس
زورانا الكرام نتنظر أرآئكم
بلدي برديس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحلواني يكتب !

اذهب الى الأسفل

الحلواني يكتب ! Empty الحلواني يكتب !

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء 8 فبراير 2012 - 8:47

كتب محمود الحلوانى

تختزن الذاكرة الشعبية الكثير من الصيغ اللغوية والممارساتية التي أنتجها إنسانها فى لحظات تماساته الحرجة بالقوى الخفية، التي ذاق منها الويلات . هذه الصيغ فى أغلبها وقائية ، دفاعية، تحترز من تلك القوى بالتعازيم والرقوات من مثل " بعيد بعيد " و" بره وبعيد " و" حابس حابس " و"بعد الشر بعد الشر" . هذه التعازيم التى تطلقها مخاوف هذا الإنسان عند إحساسه بتحويم القوى الخفية الشريرة التى يؤمن بوجودها قريبا منه ، و يصاحب هذه التعازيم عادة تحريك الأيدي والرؤوس فى الاتجاهات الأربع لإبعاد وتحديد إقامة وحبس "حابس حابس" تلك الشرور بعيدا .
وتأتى صيغ الإبعاد كـ "البعيد " و" والأبعد" و"البـُعدا" و"اللى مايتسماش " إلخ..ممعنة فى رفض حضور تلك الشرور حتى ولو عن طريق عدم ذكر أسمائها ، وكأن مجرد ذكر الاسم جدير وحده بحضورها وتهديد لحظة الـ " أنا " هنا والآن .
ومع صيغ الإبعاد هذه تأتى صيغ التمويه ومحاولة التخفي عن أعين تلك الشرور لستر الذات والممتلكات وإنكار تعينهما ، فليست تسمية المولود الذكر باسم "خيشه" أو "الشحات " مثلا، وإلباسه الخيش والرث من الثياب مع التفنن فى لخبطة وتشويه وتغيير ملامح وجهه وجسده ، والتسول عليه ، وإلباس الذكر ملابس الأنثى والعكس ، وارتداء الملابس الداخلية بالمقلوب فى مناسبات الزواج إلخ ، ما هذا كله إلا أشكالا مختلفة لهذا السعى الإنسانى الخائف لخداع قوى الشر والتمويه عليها والفرار بحقيقة الذات بعيدا. حتى لواستطاع ذلك الشر الفكاك من أسر تلك التحصينات وتلبـّس الضحية المسكينة فإنها تتحرج من الاعتراف بذلك أمام الآخرين فتلجأ للتمويه أيضا وإنكار الحال بالتأكيد على النقيض، يقولون: بعافيه شويه ولا يقولون المريض ، يقولون : المرحوم ولا يقولون الميت أو المتوفى ، كما يقولون : دموع الفرح لقلب حال الحزن وإنكار وجوده . وهناك أيضا صيغ الفداء أو التضحية ببديل قربانى كالذبح وإطعام الفقراء والتصّبر عند كسرأو فقد أشياء ثمينة باعتبار ماحدث فداء عن "فولان" وإنه " أخذ الشر وراح" وقد كان يمكن أن يصيبنا نحن. ولعلنا نستطيع أن نشير إلى صيغة أخرى هى صيغة الهجوم ، التى تأخذ شكل الضربة الاستباقية لدحر تلك القوى الشريرة قبل أن تمارس فعلها، هذه الصيغة التى يمكن أن نجدها فى تخريم عين الدمية درءً للحسد بل والرد على صاحبه بإيقاع الأذى به ، عن طريق إيقاع الأذى بالدمية كبديل سحري عنه. وليست هذه بالتأكيد آخر تلك الصيغ التى تناوش بها ذاكرتنا الشعبية القوى الشريرة التى تتهدد إنسانها . هى إقرارات يقين وتسليم إذن بعظمة وجبروت تلك القوى واستحالة مواجهتها على الأرض نظرا لطابعها الغيبى المفارق، وهى أيضا "كشافات" تسلط الضوء قويا على ذلك الحوار الدائر، فى مستوى أعمق وأخفى ، بين الإنسان وأشباحه هناك ، فى السرداب المظلم الممتلئ بالتوجس والرعب والحيل . ولسنا هنا بصدد مناقشة صحة هذه المعتقدات من عدمه فلهذا سياق آخر .
أما الموت فهو عمدة هذه القوى المخيفة التى ما برحت تعصف بالإنسان ، وهو يـُعرف بمقدماته التى منها المرض والعجز والشيخوخة، ولمواجهته فالإنسان دائم التربص بهذه المقدمات، قائم عليها بالأدعية والأدوية وزيارة الأوليا، يحاول ولا يستطيع ، ويكرر المحاولة ..
ذلك هو الحوار الذى أسمعنا بعضا منه صلاح جاهين فى قصيدته فائقة الدرامية " فنان" المهداة إلى الممثل "فاخر فاخر" وذلك هو المدخل الذى دلتنا عليه دراما القصيدة. فنص "جاهين" الذى بين أيدينا تجسيد حي لتلك المخافة الكبرى، لذلك الرعب السردابي المتولد عن لحظات استشعار اقتراب إنسان القصيدة من الموت، وتربص كل منهما بالآخر! كما يحمل النص جـُل أشكال وصيغ الإبعاد والإزاحة والتمويه على الموت بمواراة الذات وإنكار تعينها لعدم الاستدلال عليها وهو ما أشرنا إليه من قبل، غير أنها جاءت هنا مضاعفة، حيث نسجتها هذه المرة حيلة أكثر مكرا وتركيبا وعبقرية ، حيلة الشاعر، وهو من هو ؟!


تقول القصيدة :

فاخر محمد فاخر

فنان : ممثل

السن : خمسين

راجل بسيط ، أسمر

فى خارج التمثيل : خفيض الصوت

فى إيده دبلة جواز

يقولوا له يخلعها "عشان الشغل "

مابتتخلعش

صباعه أصله مره كان انكسر

هو اللى قال لى

وكان يقول لى حاجات كتير

واللى ماكانش يقوله كنت اعرفه

أشوفه مرسوم :

……………………………

" محلا الحياه حتى ولو فتافيت "

" محلا الحياه ولو فى أواخرها "

" أنا باحب الضحك"

" باعرف أخللى الخلق تبكى صبيب "

" عيونى سهيانه ، لكن لها فعل "

" الكشافات دى بنت كلب كانت هتعمينى "

" أنا هه أهه مش مريض جيت فى الميعاد"

" مين اللى واقف ده ورا الديكورات ؟

ده الموت ؟

و ده جى لمين هنا ؟

لحد تانى

مسكين مابيدبقش فى العافيه

لكن خلاص دوره "

"كان دور صغير، بس كان دور جميل "

" إمتى العمل ينتهى

عاوز أنام لى قد كام ساعه

عاوز أنام حبه "

" الليل ده زى عطيل

وكل شىء ديدمونه "

اتنين صباحا

ياه ، اتنين صباحا

…………..

أبكى عليه

ولا على روحى

ولا على بلدى

فاخر محمد فاخر

من غير قوافى كتبت فيه مرثاه

إكمنه مات مش زى كل الناس .



أما الموت هنا فهو " واقف ورا الديكورات"

وأما الصيغ التى تحدثنا عنها ، صيغ الإبعاد والتمويه والستر والتورية المتولدة عن رؤية هذا المتربص "ورا الديكورات " فهى كثيرة وملتبسة ومتراكبة ودرامية هكذا :

Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 551
تاريخ التسجيل : 22/12/2010

https://baldi.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى